كتاب جماعي عن عبد الواحد بن ياسر: عاشق المسرح من الممارسة إلى التنظير

 

يجمع العديد من الدارسين المغاربة والعرب على أن عبد الواحد بن ياسر مبدع مسرحي جمع بين الممارسة والنقد والتنظير، فقد بدأ علاقته بأب الفنون كممارس في مدينة مغربية شهدت التقاليد المسرحية مبكرا: مراكش، ثم زاوَج بين الدرس الجامعي والنقد المسرحي والبحث الأكاديمي، مسلحا بثقافة مزدوجة ورؤية منفتحة تنهل من منابع مختلفة، متأصلة في جذور الماضي ومسائلة للواقع الحاضر ومنفتحة على الثقافات العالمية المختلفة.
ومن هنا، جاء كتاب «عاشق المسرح: من الممارسة إلى التنظير»، الصادر ضمن منشورات «مهرجان مراكش الدولي للمسرح»، للتوثيق للجهود التي يبذلها بن ياسر من أجل تطوير المسرح المغربي والارتقاء بأساليب اشتغال ممارسيه. وتنبع قيمة الكتاب من كونه يضم مجموعة من الدراسات والشهادات التي ألقيت في حفل التكريم الذي نظم العام الماضي لعبد الواحد بن ياسر من طرف النقابة المغربية لمحترفي المسرح (فرع مراكش)؛ وهي دراسات وشهادات قدمها أكاديميون ونقاد وباحثون ممن عايشوا تجربة بن ياسر أو نهلوا منها أو عايشوا مخاضها وشهدوا على تفردها وقيمتها العلمية.
وكما سجلت بعض الشهادات، فالمحتفى به «مثال للأديب والفنان والباحث الفاعل والفعال على الصعيد المسرحي والثقافي محليا ووطنيا وعربيا، تشهد على ذلك مؤلفاته وأبحاثه ومجالسه، وبصماته المميزة في الإبداع المسرحي العربي. إنه مجدد مبدع في المسرح، وواحد من المبدعين الذين صانوا فكرهم، قدم للساحة الفكرية والفنية مائدة طعامها متعدد الأوصاف، شرابها متنوع الأشكال، ماؤها عذب زلال، فاكهتها فن وشعر رفيع كلماته فصيحة، يغترف منه كل باحث أيا كانت درجته العلمية، من دون ملل أو كلل». وأكدت شهادة أخرى على أن بن ياسر «باحث أغنى الساحة المسرحية بكتاباته بالأساس، في زمن توالد استنساخ التنظيرات والتخريجات التي قلما يشدّ بعضها بعضا. كما أنه من القلة القلائل الذين يسافرون ليحطوا الرحال أينما وجد (ديونيزوس) رافعا راية التحدي. إنه من القلائل الذين يشكلون المتاريس الصامدة في وجه اللامبالاة، فهو غير ما مرة، يفاجئك بالحديث عن آخر عرض جاد به (مسرح الشمس) بكارتوشي فانسين أو تونس أو الشارقة أو الرباط أو مكناس أو طنجة أو القاهرة أو أكادير».
وأوضح أحد الأكاديميين أن عبد الواحد بن ياسر يجمع بين البعد الأدبي والبعد الفني في معرفته وخبرته بالشأن المسرحي، مشيرا إلى أن «هذا المركّـب التعبيري يوظف ترسانة من الأدوات، ويشغل مجموعة من الفاعلين كتابة وإخراجا وتشخيصا وهندسات للتحرك فوق الخشبة وتأثيثها مناظر وملابس، ويرونقها بما يتلاءم من الألحان والأهازيج المستوحاة من مضامين الفرجة».
ولاحظ متدخلون أن المحتفى به وعى منذ المنطلق صعوبة الحقل الذي سيفعّل فيه مناهج البحث العلمي، وقد أتى في ذلك بالجديد والرائع من الدراسات التي أغنت بالفعل المكتبة المتخصصة في المغرب. ومن ثم، تضمن الكتاب قراءات قيّمة في أعمال عبد الواحد بن ياسر: «حياة التراجيديا» و»عشق المسرح» و»المأساة والرؤية المأساوية في المسرح العربي الحديث».
تبقى الإشارة إلى أن الكتاب الواقع في حوالي 220 صفحة من القطع المتوسط، يشتمل على ملحق مكون من نص حوارين تلفزيونيين أجريا مع عبد الواحد بن ياسر، الأول في برنامج «مشارف» في التلفزيون المغربي والثاني في برنامج «صباح الشارقة» في الإمارات العربية المتحدة، علاوة على مجموعة من الصور الفوتوغرافية التي توثق لــ»لحظات من مسار.. جزء من الذاكرة».

 

ذات صلة