الفسادُ مِـلّـةٌ واحدة!

الطاهر الطويل

استعانةُ السلطة بمجرمين وذوي سوابق للهجوم على مشاركين في وقفة احتجاج سلمية أقيمت تضامنًا مع معتقلي الريف في تطوان ومدن اخرى، سلوكٌ منبوذٌ، ذكّرني بواقعة كنت شاهدا عليها في إحدى المدن منذ عدة سنوات.
كنت أُنجزُ تغطيةً إعلامية لنشاط ثقافي، وخلال فترة استراحة بمعية أحد الزملاء ببهو الفندق الذي كنّا نقيم فيه، استرعى انتباهنا وجود جلبة وحالة استنفار غريبة. تبينّا الأمر، فلاحظنا أن مدير الفندق يُنادي على الحرس الخاص (وهم غلاظ شداد)، ويسلّمهم الراية الوطنية بأعداد وفيرة، ثم يأمرهم بالالتحاق بسيارة لنقل البضائع والانضمام الى أشخاص آخرين، يُعـبّـر مظهرُهم الخارجي عن تاريخ “مجيد” في الإجرام.
قلتُ لزميلي: “لنقتفِ أثر هؤلاء خلسة، حتى نعرف وجهتهم”، خاصة وأننا حَدَسْنَـا أن للمسألة علاقة بمظاهرات “20 فبراير” التي كانت مُستعرة آنذاك، في بداية فصل الصيف من عام 2011.
وانطلقنا غير بعيدين عن سيارة نقل البضائع التي تقلّ مفتولي العضلات، وتسير ببطء كما لو أنها في موكب رسمي. كانت ساحة البلدية قريبة من الفندق. وهناك، كان يجتمع متظاهرون مرددين شعارات تطالب بالعدالة الاجتماعية وبالقضاء على الفساد.
تقدّم نحوهم “حرس” الفندق و”قواته” الاحتياطية حاملين الرايات وهاتفين بالنشيد الوطني وبحياة عاهل البلاد، وانضمت إليهم فرقة للآلات النحاسية، مساهمة في مضاعفة الجلبة، ثم شرعوا يقتحمون صفوف المتظاهرين الذين فاجأهم التدخل غير المتوقع، وأخذوا يحتكّون بهم ويحاولون تفريقهم بالقوة. وهو ما حصل بعد دقائق معدودات.
حينها فقط، أدركنا لماذا تغضّ السلطة الطرف عن التجاوزات التي تقع في ذلك الفندق على مرأى ومسمع من الجميع: إن الفساد ملّة واحدة!

ذات صلة